صحيفة بريطانية تتحدث عن 3 سيناريوهات للتلاقي الظرفي الخطير في اليمن بين القاعدة وداعش وامكانية تحول اليمن الممزق إلى ملاذ لـ”داعش”
يمنات – صنعاء
قالت صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية إن الأوضاع في اليمن أصبحت ملاذ مثالي للمتطرفين المنتمين إلى تنظيم الدولة الإسلاميّة (داعش) الفارين من سوريا و العراق.
و اشارت الصحيفة ان احاك الحوثيين قبضتهم على السطلة مطلع العام 2015، و رد حكومة هادي بتغليب المقاربة المذهبية في سياستها، بوصفها عناصر محلية للصراع على الأرض و السلطة و الموارد، عوضا عن الصراع الاقليمي بين السعودية و إيران كعناصر خارجية، كلّها عوامل اجتمعت لـ”تغذية الخطاب المشبع بالكراهية، والمفضّل لدى الجماعات المسلّحة”.
و في تقريرها الذي يحمل عنوان “اليمن الممزّق بالحرب قد يستقطب المقاتلين الجهاديين من سوريا والعراق”، قالت الصحيفة إن المناخ السياسي المسموم، و و التضاريس الوعرة لليمن، و الفراغ الأمني الذي خلّفته الحكومة الغائبة، و المقيمة في الرياض، إلى جانب ضعف التماسك الاجتماعي القبلي، مع نزوح المهجرين في الداخل نحو مناطق شرق البلاد، فضلاً عن شبكات التهريب المتفشّية، والسواحل المترامية التي يسهل اختراقها، كانت النتيجة قيام “جيب من انعدام الاستقرار، يمكن لمقاتلي داعش الفرار إليه”.
و نوهت الصحيفة إلى أنه لدى تنظيم القاعدة في جزيرة العرب اليد الطولى، سواء لناحية العدد، أو النفوذ، و الجاذبيّة الايديولوجيّة، فيما لا يمكن عدّ داعش مجموعة جهادية مهيمنة في اليمن، رغم امتلاكه بعض العناصر العاملة هناك.
و أوضحت الصحيفة إن النهج المتدرّج لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، قد أرسى الأرضية، و هيأ الأسس، لامتصاص العقيدة الجهادية المتشدّدة من نظرائه، لا سيما و أن الأخير، و خلافاً لتنظيم داعش، لم يحاول فرض نظام خلافة بشكل آني، و فوري، بل عمل على إرساء دعائم نفوذه في سائر أرجاء مناطق جنوب اليمن، من خلال تظهير صورته كطرف محلّي يحمي، ويدافع عن السكان، عوض الظهور بمظهر العبء الجهادي على كاهل المواطنين اليمنيين في الجنوب.
و ذَكَرَت الصحيفة أن القاعدة في جزيرة العرب، استولى على مساحات واسعة من الأراضي اليمنية بعد فترة وجيزة من بدء الضربات الجوية للتحالف الذي تقوده السعودية في مارس العام 2015.
و بحسب الصحيفة، فإن التنظيم، و انطلاقاً من سيطرته على ميناء المكلّا، تمكّن من تحصيل الإيرادات المالية، ومن صياغة التحالفات مع الميليشيات القبلية.
كما عمل على تنفيذ مشروعات تنموية من أجل حشد الدعم والتأييد المحلّي بما في ذلك حل المشكلات العملية الخدماتية مثل إصلاح شبكة إمدادات المياه والكهرباء، إلى جانب ما بذله من جهود في سبيل تكييف الخطاب الجهادي العالمي، على نحو يراعي المخاوف و الهواجس المحلية.
و تظهر إحدى الدراسات أن 56 في المئة من التغريدات على مواقع التنظيم، تمحورت حول مشاريع التنمية المجتمعيّة، فيما كان هناك نسبة لا تتعدى 3 في المئة من تلك التغريدات تتعلق بتطبيق الحدود، والعقوبات القاسية، وفق أحكام الشريعة.
و قالت الصحيفة في أبريل/نيسان 2016، نجحت القوات الخاصة الإمارتية، وبدعم من الولايات المتحدة، بإجبار تنظيم “القاعدة” على الانسحاب من المكلّا، “دون أن تنجح في هزيمته”، و ذلك لأسباب تتعلّق بـ”رأس المال الثقافي، والسياسي، الذي بناه التنظيم، وغير القابل للذوبان”، وبـ”الأفكار التي رسّخها، التي لا يمكن قصفها، وتغييبها”.
و أضافت: “الصراع في اليمن، يعزّز من جاذبية التطرّف الإسلاموي المتشدّد، وتحديدا، في وقت قد يكون مقاتلو داعش في العراق وسوريا يدورون في الأرجاء بحثاً عن مقر جديد”.
و تابعت: “لا يبدو مرجّحاً أن تكون أعداد مقاتلي داعش اليمنيين العائدين من معاقل التنظيم كبيرة، خصوصاً وأن لدى هؤلاء معركتهم الخاصة، إلا أن القلق يكمن في أن أولئك العائدين قد يجلبون معهم إخوة (السلاح)”.
و أوضحت أن هذا التلاقي الظرفي الخطير، يمكن أن يؤدي إلى عدة سيناريوهات”. أولها ينطوي على احتمال أن يبادر تنظيم “داعش” إلى “إعادة بناء تواجده في اليمن، بمساعدة فروعه المحلية، و من خلال الصلات القبلية لمقاتليه العائدين إلى اليمن”، و إن كانت احتمالات نجاح هذا السيناريو “صعبة” نسبياً، بسبب “الأسبقية” التي يحظى بها تنظيم “القاعدة” داخل البلاد، و “الجذور القوية” التي أرساها الأخير هناك.
أما السيناريو الثاني، فهو يرتبط بإمكانية أن ينجم عن تدفق مقاتلي “داعش” العائدين إلى الساحة اليمنية، “اندلاع مواجهة مباشرة” بين تنظيمي “داعش” و”القاعدة”، بما يؤدّي إلى “مفاقمة حالة انعدام الاستقرار داخل اليمن”، مع الإشارة إلى انتقادات “القاعدة” لقادة “داعش” لجهة إعلانهم “خلافة سابقة لأوانها”، و”حكمهم المتشدّد، وشديد الوطأة” على المجتمعات المحلية، وكذلك لجهة “استخفافهم بأرواح الناس”، علماً بأن تنظيم “داعش” بدوره انتقد منهج وأسلوب “الحكم الضعيف لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب”.
و السيناريو الثالث، هو إن “الهدف الملح لكلا الجماعتين بإشعال حرب ضد من ينظر إليهم على أنهم شيعة اليمن (الحوثيين)”، قد يقودهما إلى “التحالف والتآلف” مع بعضهما البعض.
و أشارت الصحيفة إلى أن الدلائل بشأن التحالف الممكن بين الغريمين “الجهاديين”، يتضح في وقوف الطرفين في خندق واحد ضد “الحوثيين” في معركة البيضاء، خلال وقت سابق، فضلاً عمّا يمثله استهداف “القاعدة” من قبل القوات الإماراتيّة، و الأمريكية، من عنصر إضافي قد يدفع التنظيم مستقبلاً إلى “تبني نهج داعش الجهادي الأكثر تشدّداً”.
و خلصت الصحيفة إلى أن “تدفق الجهاديين على وقع تصاعد العمليات العسكرية، قد يدفعهما إلى دفن خلافاتهما وتنحيتها جانباً”، مشيرة إلى أن “داعش قد يبدأ بالاندماج مع تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، داخل اليمن”، قبل أن تقول بأنه “كلما طال أمد الصراع، كلّما أصبح الميدان تربة أكثر خصوبة للجهاد”.
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا